المبادرة السعودية لوقف الحرب باليمن .. مخرج طوارئ للسعودية ونجاح للحوثيين وتجاهل لحكومة هادي وتهميش للجنوب
يمنات
صلاح السقلدي
(وقف اطلاق نار شامل تحت مراقبة الامم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتفاق ستوكهولم بشان الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الاقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الاطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الامن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل).
تلك كان أهم بنود المبادرة التي أطلقتها المملكة يوم الاثنين لوقف الحرب باليمن. فهذه المبادرة بإطارها العام – وبعيدا عن التفاصيل التي تُــكمن فيها الشياطين – كونها تمثّــل مَــخرج طوارئ خلفي للسعودية، فإننا في الوقت عينه نرى فيها مبادرة ممتازة بالنسبة للحوثيين – أو هكذا نأمل أن ينظرون إليها -. برغم ما قد لا تكون بصيغتها الحالية وبالذات فيما يخص شرط المرجعيات الثلاثة التي قالت المبادرة أنها يجب أن تكون مظلة التسوية السياسية القادمة مُــرضية للحوثيين فهم يرون بهذه المخرجات وبالذات مرجعية مخرجات حوار عام2014م استهدافا سياسيا وطائفيا لهم، إلاّ أنها المبادرة تمثّــل بادرة حُــسن نية من السعودية تجاههم، كما أنها تحمل بنودا متقدمة ومشجعة لهم يمكن، بالتالي التعويل عليها و تطويرها أو حتى تعديل بعضها والبناء عليها في قادم التفاهمات، فهي قابلة للتعديل من قبل السعودية إن لمستْ هذه الأخيرة جديّــة لدى الحوثيين بوقف الحرب وبالرغبة بطي صفحة المأساة التي تعصف بواحدة من أكثر بلدان العالم فقرا وبؤسا.
و حين نقول أن السعودية بهذه المبادرة عبّــرت عن حُـسن نيتها بوقف الحرب وبأنها تعني لها مخرج آمن، فلأنها (المملكة) باتت اليوم أكثر استعدادا لوقف هذه الحرب التي ستدخل عامها السابع بعد أسبوع واحد فقط، بعد أن أثقلت كاهلها ماديا ومالياً، وضربت صميم سمعتها الأخلاقية أمام المجتمع الدولي، فضلاً عما صاحبها من اخفاق عسكري مُــحرج للمملكة وضعضع سمعة جشيها الذي سوّقت له خلال عقود، واظهرت (الحرب) عجز المملكة الثرية التي تملك واحدا من أكبر جيوش الشرق الأوسط على كبح الهجمات الجوية الحوثية -ناهيك عن الإغارات البرية المكثفة – التي تضاعفت (الهجمات الجوية) بشكل لافت خلال الأيام الماضية على مدن ومنشآت ومرافق اقتصادية حيوية، ووضعت المملكة في مأزق حقيقي أمام الداخل والخارج.
وحين نتوقع أن يتجاوب الحوثيون بإيجابية مع هذه المبادرة فلأننا نرى فيها مكسبا لهم ولو بالحد الأدنى من الخطأ تفويته وإظهار أنفسهم أمام المجتمع الدولي بأنهم الطرف الرافض لوقف الحرب وغير الحريص على وضع البلد وحالها الإنساني والمعيشي المريع، فهذه المبادرة ستمنح الحوثيين القوة السياسية في قادم الايام كطرف رئيس في أية تسوية قادمة عطفا على قوتهم على الارض، وسيمنح طرف من طرفي طاولة المفاوضات القادمة.
ملاحظات مهمة عن المبادرة
أولا:
هذه المبادرة تؤكد صحة القول بأن الحل العسكري الذي ظلت السعودية تنشده بات من الماضي، وأن الحوثيين أكثر قوة عسكريا وجماهيرا مما اعتقدت السعودية، التي بنَتْ قرارها بالحرب على قاعدة بيانات خاطئة ومضللة، قللّت من حجم قوات الحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح، وبالغتْ من قوة حزب الإصلاح على الأرض، ومن نفوذ الرئيس هادي داخل الجيش، النفوذ الذي كشف عن أنهم لم يكن سوى كذبة ابتلعتها السعودية بمرارة.
ثانيا:
مبادرة سعودية محضة خالية من أي كولسترول يمني (حتى وأن تقمصت السعودية بهذه المبادرة دور الوسيط بهذه الحرب وليس طرف أصيل بها)، فقد كانت هذه المبادرة مفاجئِــة للسلطة اليمنية الموالية للسعودية والمسماة بالشرعية، وهو الأمر الذي يؤكد للمرة الألف بأن السعودية التي أطلقت صافرة بداية هذه الحرب دون استشارة الطرف اليمني المعني بالأمر – حتى وأن زعم إعلامها وإعلام السلطة الموالية لها عكس ذلك – هي وحدها من يحدد مستقبل هذه الحرب ومستقبل اليمن أيضا للأسف، فمثلما كانت هي من أعلن اندلاع هذه الحرب في مارس 2015م فإنها هي من أعلنت توقفها في مارس 2021م، أو بالأصح هي من يأمل أن تتوقف إن وافق خصوصها على ذلك، وليس ضروريا موافقة شركائها باليمن. فالسلطة اليمنية الموالية للسعودية لم تكن تعلم بهذه المبادرة الى قبل ساعات من إعلانها، وقد كان هذا واضحا من تصريحات المسئولية اليمنيين في الرياض وعدن الذين كانوا يغردون بعيدا عما طرحته هذه المبادرة, مما يعني هذا بالضرورة أن هذه السلطة ليست بالنسبة للسعودية أكثر من وسيلة سياسية تستمد منها مشروعية هذه الحرب ومشروعية تدخلها باليمن أمام المجتمع الدولي، وأداة سياسية وشرعية لتأكيد نفوذها على الأرض خصوصا في محافظات استراتيجية كمحافظتي المهرة وحضرموت.
ثالثاً:
الطرف الجنوبي في هذه الحرب ليس أحسن حالاً من السلطة اليمنية الموالية للرياض، فيما يتعلق بالتبعية للسعودية وللتحالف كله، وبما يتعلق بالتهميش والتجاهل المعيب الذي يجد نفسه فيه اليوم، فهو الذي انخرطت قواه السياسية والثورية بهذه الحرب معصوبة الأعين دون أن تضع ولو شرطا أو مطلبا واحدا أمام التحالف أو تنتزع منه وعدا بحل القضية الجنوبية حلا عادلا بعد انتهاء الحرب تجد هذه القوى والجنوب برمته اليوم خارج الاجندة الخليجية تماما، بعد أن استخدم التحالف قضية الجنوب مجرد بندقية أجيرة ومخزن بشري في جبهات القتال وجسر عبور شمالا. فهذه المبادرة تشترط بأية تسوية سياسية أن تكون المرجعيات الثلاث اساس الحل، وهي المرجعيات التي تجاهلت تماما شيئا اسمه القضية الجنوبية، بدءاً من المرجعية الأولى: المبادرة الخليجية وانتهاءً بقرار مجلس الأمن الدولية2216، مرورا بمخرجات حوار 2014م التي تجاهلت الجنوب كليا.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.